Monday, November 9, 2009

شعور الخطية، و طلب المغفرة،،، الجزء السادس من فلسفة فيورباخ في أصل الدين


سبق و شرحنا أن الإنسان البدائي ، كان يُشخص الطبيعة

وشعوره بالإعتماد عليها، مع تخيلها ككائن شخصي يتصرف بطريقة تعسفية أحيانا، هو الدافع للتضحية.

عندما ينظر الإنسان إلى الطبيعة و يعتبرها كائن، و شخص، فهو في الحقيقة ينظر داخلة، و يعكس ما بداخله من شعور على الطبيعة

فتكون خيرات الطبيعة التي تخرجها، هي الخير الموجود داخل الإنسان

وتكون المُخرجات المؤلمة من الطبيعة كالجوع و المرض و الألم، ماهي إلا المشاعر السيئة الموجودة في الإنسان أيضاً

ومن الأمثلة التاريخية على تشخيص الطبيعة:

إعتقد الباتجونيون أن النجوم هي الهنود الأوائل، و إعتقد أهل جرين لاند أن النجوم و الشمس و القمر هم أسلافهم

واعتقد المكسيكيون القدماء أن الاجرام السماوية التي عبدوها ماهي إلا إناسا عاشوا قبلهم بأزمنة كثيرة.

ونتج من هذا إنه إعتقد أن الطبيعة هي كائن حساس و أناني، ويعاني و يتأفف إذا ما أُخذ منه شيئا يخصه

وكان يظهر للإنسان أن إستغلال الطبيعة هو تعدي على حقها، و من أجل أن يريح ضميره من هذا الإعتداء التخيلي، و لكي يظهر أن سرقته لا تعبر إلا عن حاجته و ليس عجرفته، فقد كان يقلل من متعته (بعد تلبية حاجته) بأن يعيد جزء من المسلوب إلى الطبيعة نفسها.

أمثلة:

كان الإغريق يعتقدون أنه إذا قُطعت شجرة، فإن روحها تنوح و تستغيث حتى يتم الثأر لها.

ولذلك كان الروماني إذا قطع شجرة، ضحى بخنزير لإسترضاء البستان.

وكان البعض الآخر إذا قتلوا دباَ، علقوا جلده على شجره و أعطوه كل الاحترام و التوقير، و يعتذرون للدب على قتلهم إياه، معتقدين إنهم بذلك يتحاشون الغضب الذي ستسقطه عليهم روح الدب

والبعض كانوا يسألون السهول و الوديان الإذن قبل أن يعبروها

وغيرهم يستأذنون من المياه قبل أن يشربوا منها، أو من الأرض قبل أن يطأوا عليها، لعلمهم بأن هذا الفعل سيقتل كائنات حية كثيرة، و هو إيذاء للطبيعة، فيسترضونها.

وتلك التضحية تقدم جوهر الدين، و مصدرها هو الشعور بالإعتماد و الخوف و الشك و عدم اليقين من النجاح، و القلق من أحداث المستقبل.

وتأنيب الضمير بسبب إرتكاب الأخطاء.

كعبيد للطبيعة، فنحن نرى القصة من منظور التضحية للطبيعة لإسترضائها

وكأسياد للطبيعة، نرى أن تلك التضحية ماهي إلا طريق لنحطم شعورنا بالإعتماد على الطبيعة، و الإتجاه للإستقلال الذاتي

تلك التضحية التي نراها اليوم في الدين، وهي شعور الإنسان بإعتماده على الإله، و عندما يخطيء، فإنه يخطيء في حق الإله

وعليه لتحطيم هذا الشعور بالذنب أو الخوف من العقوبه، فيبدأ في إسترضاء هذا الإله بكافة الأشكال

No comments:

Post a Comment