Saturday, November 21, 2009

الإرادة و المقدرة،، الجزء السابع من فلسفة فيورباخ في أصل الدين


هناك تناقض بين الإرادة و و المقدرة، بين الرغبة و الإشباع، بين النية و النجاح، بين التخيل و الواقع، بين الفكر و الوجود.

رغبات الإنسان لا محدودة، فهو في رغباته إله قدير، و لكن في التنفيذ محدود، كائن ضعيف يعتمد على ما حولة من كائنات أخرى و طبيعة و غيرها

فيميل الدين إلى تحطيم هذا التناقض، فيشعر الإنسان أن ما يرغب فيه ليس مستحيلا، فبالرغم من قدرات الإنسان المحدودة، يوجد ذلك الكائن غير المحدود في قدراته الذي يمكنه تنفيذ هذه الرغبات.

فالموضوع الأساسي للدين هو أغراض الإنسان، بحيث يريد الإنسان أن يتخطى حدود التخبط النهائي و العجز و المصادفات.

وكل ما كان الإنسان يعتمد عليه، قدم له العبادة (كائنات من الطبيعة)

في وقت الجفاف، يتمنى الإنسان سقوط المطر، و في وقت الفيضان و السيول، يتمنى الإنسان ظهور أشعة الشمس، كل تلك الأماني لا سبيل للإنسان لتحقيقها. فيتجه إلى إقامة شعائر عبادته لتحقيق ما تمناه و عجز عن فعله.

ولذلك فإن الآلهة هي تجسُد لجوهر رغبات الإنسان.

فتجد المؤمن يرتبط بآلهته في وقت المحن أكثر من أي وقت آخر، حتى تتحقق أمنيته أو رغبته التي لا يقو على تحقيقها.

Monday, November 9, 2009

شعور الخطية، و طلب المغفرة،،، الجزء السادس من فلسفة فيورباخ في أصل الدين


سبق و شرحنا أن الإنسان البدائي ، كان يُشخص الطبيعة

وشعوره بالإعتماد عليها، مع تخيلها ككائن شخصي يتصرف بطريقة تعسفية أحيانا، هو الدافع للتضحية.

عندما ينظر الإنسان إلى الطبيعة و يعتبرها كائن، و شخص، فهو في الحقيقة ينظر داخلة، و يعكس ما بداخله من شعور على الطبيعة

فتكون خيرات الطبيعة التي تخرجها، هي الخير الموجود داخل الإنسان

وتكون المُخرجات المؤلمة من الطبيعة كالجوع و المرض و الألم، ماهي إلا المشاعر السيئة الموجودة في الإنسان أيضاً

ومن الأمثلة التاريخية على تشخيص الطبيعة:

إعتقد الباتجونيون أن النجوم هي الهنود الأوائل، و إعتقد أهل جرين لاند أن النجوم و الشمس و القمر هم أسلافهم

واعتقد المكسيكيون القدماء أن الاجرام السماوية التي عبدوها ماهي إلا إناسا عاشوا قبلهم بأزمنة كثيرة.

ونتج من هذا إنه إعتقد أن الطبيعة هي كائن حساس و أناني، ويعاني و يتأفف إذا ما أُخذ منه شيئا يخصه

وكان يظهر للإنسان أن إستغلال الطبيعة هو تعدي على حقها، و من أجل أن يريح ضميره من هذا الإعتداء التخيلي، و لكي يظهر أن سرقته لا تعبر إلا عن حاجته و ليس عجرفته، فقد كان يقلل من متعته (بعد تلبية حاجته) بأن يعيد جزء من المسلوب إلى الطبيعة نفسها.

أمثلة:

كان الإغريق يعتقدون أنه إذا قُطعت شجرة، فإن روحها تنوح و تستغيث حتى يتم الثأر لها.

ولذلك كان الروماني إذا قطع شجرة، ضحى بخنزير لإسترضاء البستان.

وكان البعض الآخر إذا قتلوا دباَ، علقوا جلده على شجره و أعطوه كل الاحترام و التوقير، و يعتذرون للدب على قتلهم إياه، معتقدين إنهم بذلك يتحاشون الغضب الذي ستسقطه عليهم روح الدب

والبعض كانوا يسألون السهول و الوديان الإذن قبل أن يعبروها

وغيرهم يستأذنون من المياه قبل أن يشربوا منها، أو من الأرض قبل أن يطأوا عليها، لعلمهم بأن هذا الفعل سيقتل كائنات حية كثيرة، و هو إيذاء للطبيعة، فيسترضونها.

وتلك التضحية تقدم جوهر الدين، و مصدرها هو الشعور بالإعتماد و الخوف و الشك و عدم اليقين من النجاح، و القلق من أحداث المستقبل.

وتأنيب الضمير بسبب إرتكاب الأخطاء.

كعبيد للطبيعة، فنحن نرى القصة من منظور التضحية للطبيعة لإسترضائها

وكأسياد للطبيعة، نرى أن تلك التضحية ماهي إلا طريق لنحطم شعورنا بالإعتماد على الطبيعة، و الإتجاه للإستقلال الذاتي

تلك التضحية التي نراها اليوم في الدين، وهي شعور الإنسان بإعتماده على الإله، و عندما يخطيء، فإنه يخطيء في حق الإله

وعليه لتحطيم هذا الشعور بالذنب أو الخوف من العقوبه، فيبدأ في إسترضاء هذا الإله بكافة الأشكال

Monday, November 2, 2009

كالطفل الصغير


كنت أتجول في الطرقات اليوم مع صديقي لأستمتع بمقدمات الهواء الشتوي المنعش

وأثناء سيرنا، شاهدت موقف إستثار تفكيري ووقفت أتابعه، طفل في العقد الاول من عمره يسير بجانب طفل له من العمر حولين، و كان الولد الكبير يداعب الطفل الصغير، فتركه واقفا بمفرده و توارى خلف شجرة، فمشى الطفل الصغير خطوات قليلة، ثم وقف و بدت عليه علامات الخوف و بدأ يبكي و يصرخ....

وحينها ظهر له الولد الأكبر، فتوقف الطفل عن البكاء و هرع إليه ليتعلق بساقه و بدأ في الضحك..

إرتبط هذا المشهد في عقلي بفكرة الإيمان بالله

لا يُحب الإنسان أن يكون متحكما في حياته، فالجميع ينتظر الخوارق و المعجزات التي قد تحقق له ما يريد، و هذا لأن أحلام الإنسان تتخطي قدراته بكثير، فيريد أن يتبرك و يتمسك بفكرة وجود قنوات تجعله متصلا بما هو خارق للطبيعة و متعدي لقدراته

يخاف الإنسان أن يشعر بمسئوليته عن حياته أو أنه المتحكم بها، و أنه بمفرده

قالوحده قد تقتل أحياناً، و لذلك فيبحث الإنسان عن ذلك الصديق التخيلي ليلتصق به، فالإنسان يمكنه إستحضار صديقه التخيلي هذا في أي وقت و أي مكان في أوهامه و تخيلاته

فيعطيه بعض الثقة و التماسك

هذا لإن الإنسان يخاف،، يخاف المسئولية

والوحدة

و الإعتماد على قدراته الشخصية الخالصة